
الإيدز يهدد الأمن الإنساني: … الدكتور غسان شحرور
مفهوم الأمن الإنساني:
روج برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP لهذا المفهوم، الذي أخذ ينتشر فيما بعد هنا وهناك، وتبنته ودعمته دول عديدة، وظهر في العديد من الخطوات التي اتخذتها منظمة الأمم المتحدة، خلال السنوات الماضية، وهو يركز على حماية المدنيين، والأطفال، وتوفير الرعاية الصحية، ومكافحة المخدرات، والأمراض السارية الخطيرة كالإيدز والكبد سي وبي ، وغيرها ، والهجرة الإجبارية، ومكافحة انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة وإساءة استخدامها، وتلوث أراضي المجتمعات المحلية بالألغام ومخلفات الحروب، وغيرها. ويعود انتشار هذا المفهوم الجديد في العمل الدولي إلى أن المدنيين والمواطنين الأبرياء هم أكثر الضحايا في نزاعات العالم الآن، مع تزايد النزاعات داخل البلد الواحد، وأخذت تستقطب الاهتمام، الذي كان يسلط سابقا على النزاعات بين الدول، وهكذا ازداد الاهتمام بأمن الإنسان والناس والمجتمعات المحلية، الذي يكمل الاهتمام بأمن الدول.
الصحة: من أهم أولويات الأمن الإنساني
المرض والإعاقة والموت أخطار تتربص جميعا بالإنسان والمجتمعات التي تفتقر إلى الرعاية الصحية المتكاملة، وهكذا أصبح ضروريا توافر الرعاية الصحية الأولية للأسرة، لاسيما الأطفال (برنامج رعاية الطفولة)، والأمهات (برامج رعاية الأمومة)، ومكافحة الأمراض الوبائية، والتغذية، وإصحاح البيئة وغيرها، لقد شكل انتشار وباء الإيدز، وكذلك التدرن أو السل تحديا كبيرا لأمن الإنسان في بلاد عديدة لاسيما في أفريقيا وآسيا، وأصبح ضروريا مشاركة الفرد مشاركة فاعلة، في الخدمات والبرامج الصحية، وليس فقط كمستقبل ومتلقي لها، بينما أصبح تقديم المعلومات والمعارف الصحية حق من حقوق المواطن في عصر المعلومات، ينبغي أن تبذل كل الجهود لتوفيرها لكل أفراد المجتمع
لقد أصبحت القضايا الصحية محورا للتعاون الدولي، فالكثير من الأمراض لا تعرف الحدود، وكثيرا ما يقترن الفقر بتدهور الصحة، ويكون سببا كبيرا يهدد أمن الإنسان، ويعمل على ظهور النزاعات بين الناس، وقد يؤجج ما هو موجود منها
وباء الإيدز
منذ عام 1981، والعالم يتحدّث عن وباء كاسح ينقضُّ هنا وهناك، يبعثُ الرعب والهلع في قلوب الناس، وهو لا يكتفي بالأضرار الجسيمة التي يلحقها بصحة الإنسان المصاب، بل يهاجم بقسوة جهازه المناعي، الذي لا يلبث أن ينهار أمام ضرباته فيقع فريسة سهلة بين مخالب أمراض عديدة سرعان ما تقضي عليه وتزهق حياته.
ذلك هو مرض الإيدز، أو ما يعرف باسم السيدا، أو متلازمة العوز المناعي المكتسب.
وفي مواجهة هذا الوباء الخطير، تكاتفت الحكومات في مختلف أنحاء العالم وبشكل لم يسبق له مثيل، وتضافرت جهود كافة المنظمات والهيئات الصحية والاجتماعية والتربوية من أجل القضاء على هذا الوباء المخيف أو من أجل وضع حدٍ لزحفه وانتشاره الذي لم يتوقف، إلا أن النجاح في ذلك لا يزال فيما يبدو بعيد المنال.
لقد تقرّر في عام 1988 تحديد اليوم الأول من كانون الأول/ديسمبر من كلِّ عام ليكون يوما عالميا تتركّز فيه الجهود الدولية التي ترمي إلى توعية كافة شرائح المجتمع بهذا الوباء الخطير للتذكير به، ونشر الحقائق المتعلقة به من حيث طرق انتشاره وكيفية الوقاية منه، وليكون هذا اليوم دعوة متجددة لشحذ همم الأفراد والمجتمعات لمواصلة السعي والكفاح للقضاء على هذا المرض القاتل.
ما هو الإيدز ؟ :
هو متلازمة العوز المناعي المكتسب، وهو آخر مراحل العدوى بفيروس العوز المناعي البشري HIV، ويمكن أن يستغرق وصول حامل الفيروس إلى مرحلة مرض الإيدز نحو عشر سنوات بعد الإصابة العدوى، ويلقي المرضى حتفهم في غضون بضع سنوات بعد تشخيص الإيدز، وتحدث الغالبية العظمى من حالات العدوى بالفيروسHIV عن طريق الاتصال الجنسي، كما يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق الدم الملوث أو مشتقاته، والمشاركة في استعمال حُقن ملوثة به، وقد ينتقل من الأم الحامل إذا كانت مصابة إلى وليدها قبل أو أثناء الولادة، فيخرج إلى الحياة حاملا في دمه فيروس الموت.
وما يدعو إلى القلق والخوف أن الإنسان الذي يحمل هذا الفيروس، يبدو طبيعيا تماما، ولا يعاني من أي شيء غير عادي وهذا ما يساعد على انتقال العدوى منه إلى الآخرين، وهكذا يسهم ودون أن يدري في انتشار عدوى المرض، لذلك أصبح من الضروري كشف إصابة الأشخاص الذين يحملون هذا الفيروس من أجل الوقاية ومنع انتقال العدوى، وفي سبيل ذلك لجأت معظم الدول إلى توفير الفحص المخبري الذي يكشف الأشخاص الحاملين لهذا الفيروس وجعله مجانا وفي متناول الجميع، وقد قامت بعض الدول بجعل هذا الفحص إجباريا عند التقدّم للعمل في بعض المهن، أو لدى بعض فئات المسافرين.
ولابد من التأكيد أن العدوى لا تنتقل بالاتصالات العارضة كالمصافحة والمخالطة في الأماكن المزدحمة، وعند زيارة المرضى المصابين في المشافي، أو أثناء ممارسة الرياضة وعن طريق الطعام والشراب.
أرقام مفزعة:
بينت دراسة عن انتشار فيروس نقص المناعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن عدد المصابين أقل نسبيا من مناطق أخرى لكن المفزع حقاً أن معدل الإزدياد بدأ يرتفع منذ عام 2001 إلى درجت أصبحت المنطقة من أكثر مناطق العالم في معدل الارتفاع. بعد أن كان العدد في عام 2001 نحو 330 ألف ارتفع إلى 800 ألف في عام 2012 خاصة بسبب العدوى الجنسية.
وهذا يحتاج إلى برامج وقائية وعلاجية مكلفة جدا تهدد نمو المجتمع وتزيد الطين بلة لاسيما في المجتمعات الفقيرة أصلا، الأمر الذي يزيد من التحديات التي تواجه المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
Aids and Human Security…by Dr. Ghassan Shahrour
Tags: Aids, human security